بواسطة : الكاتبة || ندى منشي
9:32 م - 2020/12/19 - 330
هل يمكن لمشاعر الحب أن تغطي أقسى الآلام ؟
وهل من الممكن أن ننسى ونتجاوز لأجل مشاعر معينة ترقرقت داخل قلوبنا ؟
إكتشفت منذ فترة ليست بالطويلة أني أعاني من حساسية القطط , وكانت زيارتي لعائلتي تسبب لي القلق , لشعور الألم والتحسس الذي أعاني منه منذ إقتراب ( قطنة ) قطة أخي مني .
وذات يوم قرر أولادي إدخال قط شيرازي في المنزل , كنت أرفض دخوله رفضا تاما , حاول أولادي إقناعي بذلك , لكن إستمر رفضي تصريحاً وتلميحاً , فلن أدخل من سيسبب لي بالألم والمعاناة التي كنت أشعر بها كل ما إقتربت مني ( قطنة )
وإذا بي أفاجأ بأولادي وقد كسروا قوانيني وقاموا بإدخال ذلك القط الصغير إلى المنزل خلسة ، ووضعوني أمام الأمر الواقع ..
غضبت وثرت وذكرتهم بما سأعانيه من ألم وتحسس بمجرد لمسه لي أو إقترابه مني كما حدث معي سابقاً .. لكن كثرتهم غلبت شجاعتي ..
ودخل ذلك القط الصغير الذي لم يتعدى عمره الشهر والنصف إلى البيت , أطلقنا عليه إسم ( سموكي ) للونه الدخاني القريب الى السواد , وكان له الحب والدلال من الجميع ماعداي أنا وزوجي
وهنا بدأت حكايتي ..
كان ذلك الدخاني يترك بيته الصغير ويختار مكاناً قرب قدمي ليجلس , كنت أهلع رافعة قدمي عن الأرض حتى لا يقترب مني , ولكنه كان يقترب شيئا فشيئا وينظر لي بعينيه الصغيرتين وكأنه يقول لي ” أحبك ”
كان ” سموكي ” يستقبلني عند رجوعي من عملي , يخرج رأسه الصغير من ثقوب الدرج وكأنه يقول وصلتي أخيراً ؟ يلحق بي في كل مكان أذهب إليه , لدرجة أنه ينتظرني أمام باب دورة المياة أعزكم الله .
تطورت علاقتنا شيئاً فشيئاً , حتى بدأت أسمح له باللعب مع قدمي وعضها , مما سبب لي بعض الجروح
والغريب هنا أني تركته يفعل !!
إستيقظت في إحدى الصباحات فأجدني أبحث عن” سموكي ” , تطور الأمر للخوف عليه من السقوط والبرد والمرض , كنت أوبخ اولادي عندما يقومون بتعنيفه او القسوة عليه عندما يلعب معهم بعنف ويخدشهم بأظافره
والآن سموكي يختار حضني للجلوس والنوم , يستقبلني عند الدخول للمنزل ويجري نحوي مقبلاً قدمي بأسنانه الصغيرة , كل هذا وأنا أبتسم وتغمرني مشاعر غريبة لم اشعر بها سابقاً تدغدغ قلبي , والغريب بأني لم أعد أشعر بذلك الألم ولم اتحسس منه , هل عوفيت من حساسيتي ضد القطط فجأة ؟!!
ما السبب برأيكم ؟!
السبب هو أنني وقعت بالحب ياسادة ؟!
لكن ليس أي حب !!
هل تعرفون أي مشاعر أحسست ؟!
أصبحت أشعر بأنه حفيدي الدخاني الصغير , إنها مشاعر الجدة التي تدافع عن احفادها رغم قسوتهم أو شقاوتهم , تذكرت هنا جدتي لأمي رحمها الله , وكيف كانت تدافع عني وتحميني رغم شقاوتي والتعب الذي تعانيه مني , كانت تتحمل أخطائي الكبيرة والصغيرة , وكان ظهرها ملاذي الآمن من عِقَابات كانت تنتظرني , بل كانت مخزن أسراري وصندوقي السري .
جداتنا , وصلوا لأقصى درجات الحب والهيام لنا , يتجاوزن عنا وعن زلاتنا تجاههم , يتحملون تجاوزنا في الكلام , يدافعون عنا في عز حزنهم ويجدون لنا الاعذار
إكتشفت بأن تلك المشاعر قوية وعميقة لدرجة أنها قد تغطي على مشاعر الألم فقد أثبتت الدراسات بأنه وبعد وقوع شخص ما في الحب، فإن شدة المشاعر لديه تكون مشابهة لتأثير المخدرات، وذلك لأنه في كلتا الحالتين يتم تفعيل نظام المكافأة في الدماغ، ونشعر بقلق أقل ويرتفع المزاج لدينا. فضلاً عن غياب أي أثر للاكتئاب , وهذا ما حدث لي مع ( سموكي )
الجد والجدة.. هما سعادة القلب وبهجة الروح، وتذكار الوالدين.. فأسعدوهما ..
اقتبسوا وقتًا للعناق! , فالعناق يختزن في داخله الطاقة الهائلة التي بإمكانها القضاء على الحالة النفسية السيئة لهما
إسألوا عنهما دائماً , فكم يسعد هما ذلك و سيشعرهما باهتمامك بهما وحبك لهما.
التقطوا معهما الصور اللطيفة، فليس هناك أجمل من صنع الذكريات من اللحظات البسيطة، ابتسموا والتقطوا الصور من قلوبكم!
نعم إصنعوا معهما الذكريات الجميلة فهي التي ستبقى !!!