بواسطة : أمل سعيد
12:53 ص - 2021/03/28 - 173
يَشهد عَصرُنا تَغيُّراً مُستمِرّاً، ولا عجَبَ إذا أطلقْنا عليه أسماءَ مختلفةً؛ مِثلَ: عَصرِ الانفِجار المعرفيِّ والثّقافيّ، وعَصْرِ العِلم والتّكنولوجيا، وعصرِ الاتصالات السريعة، وعصرِ الابتكار والتّجديد.
إنّ المتتبِّعَ لحركاتِ الإصلاح والتطوير في التعليم؛ يَرى سعْيَ الدّوَل المتقدِّمة والنّاميَةِ، الحثيثَ، في تطوير المناهج؛ لاسيَّما: مناهجَ العلوم. وإذا ما تتَبَّعْنا تاريخَ تطوُّرات العلوم وإصلاحاتها؛ نَلْحَظُ أنّ مِن أَشْهرِها: مشروعَ (2061)؛ الذي جاءَ مبادرَةً طويلةَ المدى، من (الجمعيّة الأمريكيّة لمساعدة الأمريكيّين)، ليُصبِحوا مُثقَّفين في العلوم والرياضيات. لقد جاء هذا المشروع؛ ليُحقِّقَ رؤيةً مستقبليّةً، بعيدةَ المدى لإصلاح مناهج العلوم وتدريسِها.
لذا؛ تزدادُ الحاجةُ للاهتمام بالعلوم، وتهيئةِ المتعلِّمين القادرين على اتّخاذ القرارات الواعية، في ظلّ ما نَشهَدُه اليومَ من تَحوُّلاتٍ سريعةٍ. فعصرُنا الحاضرُ يتطلَّب: مُواطِناً واعِياً مُزوّداّ بالثقافة العلمية، والكفايات التي تساعدُه في اعتمادِ خصائصِ العَصر الإيجابيّة، واستِبعادِ السلبيِّ منها. ومن هذه الكفايات:
- مرونة التفكير، وقَبول التغيِير.
- الانفتاحُ، وسِعَةُ الأفق.
- التفكير النّاقد.
- مواجهة المشكلات بالأساليب العِلمية.
- القدرة على الإبداع.
- التعلُّم الذاتيّ.
ومن خلال ما وَرد من الكفايات التي ينبغي أنْ يتَمتَّعَ بها المثقَّفُ العلميُّ؛ يُمكِن تعريفُ الثقافة العِلميّة بأنّها: مَعرفةُ المفاهيمِ والإجراءاتِ العلميّة، واستيعابُها؛ لاتّخاذ القرارات الشخصيّة، والمشاركةِ الواعية في الشؤون المدنية والثقافيّة، والعملِ في وظائفَ علميّةٍ تِقنيّة.
والسّؤالُ الذي قد يَتبادر في الأذهان: كيف أُكسِبُ أفرادَ المجتمعِ الثقافةَ العلميّة؟ وهل تَفِي المناهج – كمناهج العلوم -؛ بتحقيق هذا الهدف؟
وللإجابة عن ذلك؛ أقول: لا يتَأتَّى للمتعلّم أو الفرد؛ اكتسابُ الثقافة العلميّة من المناهج الدراسيّة – ومناهجِ العلوم خاصّةً -؛ ما لَم يتوفَّرْ له مُناخٌ عِلميٌّ خاصٌّ يَحُثُّه على ممارسة العلوم بإبداعٍ وابتكارٍ عِلمِيَّيْن، ومحاربةِ عوائقِ انتشار هذه الثقافة العلمية، وتحويلِ المجتمع إلى مجتمع تواصُليٍّ مَعرفيّ؛ لِتعميق الفِكر الثقافيّ لدى أفراد المجتمع.
وبصورة أخرى: فإنّ نشْرَ الثقافة العلمية؛ ليس إلّا مُؤازرةً للمجتمع، لتمكِينه من الدخول في المجتمع المعرفيّ؛ ذلك المجتمع: الذي يُؤمِنُ بالتفكير العلميِّ أُسلوباً لحلّ المشكلات، وكَشْف الحقائقِ، واتّخاذِ القرارات السليمة، ممّا يُوَجِّه المجتمعَ نحوَ الموضوعيّة، والتّخلّي عن الذّاتيّة والتّعصُّب.
ختاماً:
إذا كان التّفكيرُ العِلميُّ هو وسيلَتَنا لحلّ مُشكلاتنا العَصريّة؛ فإنّ التّخطيطَ العِلميَّ يتضمّن: توَقُّعَ مشكلات المستقبل، والاستِعدادَ لها في الوقت المناسب؛ تَجنُّباً للآثار السلبيّة، وتَلافِياً لقول الشّاعر:
وَلَا يَعْرِفُونَ الشَّرَّ حَتَّى يُصِيبَهُمْ وَلَا يَعْرِفُونَ الْخَيْرَ إِلَّا إِذَا مَضَى